[center]حوارية الربان ..والعاصفة ..!
كنت معه ..وهو يلملم أغراضه ..استعدادا للرحيل نحو اليابسة ..
يا صديقي ..عادة ..نحن نرحل بسفننا ..في عباب الموج ..نحو البحار البعيدة ..
فكيف يكون الرحيل ..الى اليابسة
يا صديقي انها ..لغة البحار ..والأشرعة ..التي لا تعرف الا السفر الدائم ..والرحيل عبر الموانىء ..
نزلنا الى القارب الصغير ..المتوقف قرب السفينة ..
كانت اغراض صديقي كثيرة ..ولكنني لاحظت أنه يحمل بيده اليمنى ..وبحرص شديد ..دفترا ..استطعت أن أقرأ عنوانه ..
وقد كتب بخط اليد ..صداقة الربان والعاصفة ..
قلت له ..وهل هناك صداقة ..للربان مع العواصف ..
قال ..نعم ..وهناك ..وصايا ..خذ واقرأ ..
تناولت دفتره ..وبدأت أفرأ فيه ..في الوقت الذي تحرك فيه المركب الصغير ..باتجاه اليابسة ..
فوصية العاصفة الأولى ..
من عدالة الحياة ..
أنها تمنح السعادة الحقيقية ..
لمن يستحق ..
ووصية العاصفة السابعة .. ..
كن ..كما أنت ..بمعدنك ..ونقائك ..
بشخصك ..وذاتك ..
احتفظ بهذا النور ..الذي يشع ..
بمجرد حضورك ..
الأشخاص الذين يملكون هذه الملكة ..محظوظون ..
لأنهم أقرب لأنفسهم ..
هم مثل الرحيق الذي يغذي الحياة ..بالأمل والفرح ..
تمسك بمبادئك ..وأخلاقك ..فحينما تبدو الصورة ضبابية ..والنتائج غير منطقية ..
فتأكد ..أن الظلام الحالك ..
هو بداية النور ..
وأن الحقيقة ..مهما بدت مهزومة ..وغائبة ..
فانها سوف تضع بصمتها الحاسمة ..في نهاية المطاف ..
قلت لصديقي ..ما هذه الحكم ..هل هي حصيلتك مع الأمواج العاتية والعواصف ..
هز رأسه ..وهو يتمتم ..تابع ..تابع ..
وصية الموجة الثامنة ..وهي ..أخت السابعة ..
هنا تذكرت صديقي البعيد ..حين كتب السابعة ..موجة ..وشراعا مبحرا ..
وهنا الثامنة ..
حينما تكون ذاتك ..بكل ما فيك ..
وتكون نفس الشخص ..في كل الحالات ..
يدرك الآخرون ..كيف أن الأصل يبقى ..في مختلف الظروف ..
وأن الصدق ..قد يفقد بريقه ..مؤقتا ..
ولكنه ..يحمل بين جوانحه ..
الأمان ..والأريحية ..
تبدو للحظة ..أن المقاييس ..اختلفت ..
وترى الجمع يتسابق للححصول على الأكثر ..والهروب من العطاء ..
انهم يحرمون أنفسهم ..من السعادة الحقيقية ..
لأنهم في حالة ركض ..مع الآخر ..
وصراع مع المجهول ..
اما التاسعة ..التاسعة ..
الأنقياء ..يرون الصورة بشكل أوضح ..
يتعاطون مع الحياة ..ببساطة ..وتلقائية ..
يهتمون ..بأنفسهم ..
( ولكنهم ..لا ينسون ..
من يحبون ..)
يعملون من أجل ذاتهم ..
ولكنهم ..يستمتعون بالعطاء ..
متصالحون ..مع أنفسهم ..
ومتفهمون ..للآخر ..
لا تستسلم ..لواقع ..أنت أكبر منه ..
ولا تؤثر عليك ..صغائر الأمور ..
تأكد ..أنك في المسار الصحيح ..
وأن الكثير ..من البحارة ..يتمنون أن يكونوا ..مثلك ..
وهنا ..كنا قد وصلنا الى البر ..اليابسة ..
انزلنا الأغراض ..ومشينا ..على الكورنيش البحري ,,المجاور لمرفأ هذه المراكب الصغيرة ..
قلت لصديقي ..نعم ..
هذا ما قالته لك العواصف ..
ولن ماذا قلت لها ..أنت ..
قال..
حبنا لذاتنا ..يعلمنا الواقعية ..
ويجعلنا نتقبل ..حتى عيوبنا ..
ونتعايش معها ..
والحياة..
هي كيفما نراها ..
وننظر لها ..
يا صديقي ..
حينما تتراكم المعلومات ..
والتجارب ..
ننسى الأساسيات ..
السعادة في الحياة ..
هي ..
في البساطة ..
والعطاء ..
ابو النور : طرطوس في 20 / 8 / 2009